تواجه غزة شبح مجاعة وشيكة وسط حصار خانق منذ 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن سكان شمال القطاع قد يعانون من مجاعة غير مسبوقة نتيجة الحصار الإسرائيلي. وتشير الوكالة إلى أن إسرائيل تستخدم الجوع كسلاح، إذ تمنع دخول المواد الأساسية اللازمة لبقاء الفلسطينيين على قيد الحياة، بما في ذلك الطعام والمياه والأدوية.
فوفقاً لتقارير أونروا، لا يسمح الاحتلال سوى بدخول نحو 30 شاحنة يوميا إلى غزة، وهو ما لا يغطي إلا حوالي 6% من احتياجات السكان الأساسية، مما يجعل الوضع أكثر تعقيداً وسط هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة.
لجنة مراجعة المجاعة: شبح المجاعة يقترب من شمال القطاع
وكشف تقرير حديث للجنة مراجعة المجاعة التابعة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، والتي تضم فريقاً من كبار الخبراء الدوليين المستقلين في مجال الأمن الغذائي والتغذية، أن احتمال حدوث مجاعة في شمال غزة قد أصبح وشيكاً. وأرجع التقرير ذلك إلى النزوح الجماعي للسكان، وتناقص التدفقات التجارية والمساعدات الإنسانية، وتدمير المرافق الأساسية كالبنية التحتية والمرافق الصحية، مما أثر سلباً على عمل أونروا في تقديم الدعم الغذائي والإغاثي اللازم للفلسطينيين. ويشير التقرير إلى أن الوضع الإنساني في القطاع وصل إلى مرحلة خطيرة تتطلب تدخلاً عاجلاً خلال أيام، وليس خلال أسابيع، لإيقاف تدهور الوضع الإنساني ولمنع كارثة إنسانية كبرى.
زيادة الوفيات بين الأطفال
ومع انخفاض الدعم الدولي وتقليص عدد قوافل الإغاثة، أصبح السكان في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وأصبح خطر المجاعة يهدد حياة الآلاف. ولا يخفى أن انتشار الفقر والبطالة، إلى جانب الأزمة الصحية الحادة، أدى إلى تدهور حالة الأطفال بشكل خاص، حيث يعاني كثيرون منهم من سوء التغذية الحاد. وأكد خبراء مستقلون أن حالات الوفاة بين الأطفال الفلسطينيين تزايدت مؤخرا بشكل ملحوظ بسبب الجوع ونقص التغذية، مما يترك دلائل قوية على أن المجاعة قد بدأت بالفعل تتفشى في القطاع.
ويُعد هذا التحذير من أونروا وفرق الخبراء الدوليين دليلاً إضافيا على تدهور الوضع الإنساني إلى مستويات كارثية، فقد بلغت الاحتياجات الغذائية والصحية للفلسطينيين مستويات غير مسبوقة بسبب استمرار الحصار وغياب الدعم الكافي من المجتمع الدولي. وأشارت أونروا إلى أن غزة تتعرض لعملية تطهير عرقي بطيئة حيث يُحرم الناس من الحاجات الأساسية ويعانون من ظروف قاسية تؤدي إلى فقدان الأرواح يومياً. فالقطاع يشهد تصعيداً في استخدام الحصار كوسيلة من وسائل الحرب، حيث تُستخدم الجوع والحرمان كسلاح للضغط على الفلسطينيين في ظل عجز المجتمع الدولي عن وقف هذه الانتهاكات.
رفض إسرائيلي للتحذيرات الدولية ووصفها بالانحياز
من جانبه، رفض الاحتلال الإسرائيلي جميع التحذيرات الدولية بشأن تدهور الوضع الإنساني في غزة واعتبر أن التقارير الدولية منحازة وتعتمد على “مصادر سطحية ومتحيزة لها مصالح خاصة”. وجاء هذا الرفض في وقت يحتاج فيه القطاع إلى تدخل دولي فوري لمنع انتشار المجاعة ووقف تدهور الوضع الغذائي والصحي الذي يهدد حياة المدنيين، لاسيما الأطفال والمسنين.
ووفقاً لتقرير لجنة مراجعة المجاعة، فإن نقص المساعدات وتأخر قوافل الإغاثة يؤدي إلى تفاقم المعاناة ويزيد من احتمالات حدوث مجاعة، خصوصًا في المناطق الشمالية حيث يعاني السكان من نقص شديد في الغذاء ومياه الشرب. وأشار التقرير إلى أن استمرار الوضع الحالي سيؤدي حتماً إلى زيادة حالات الوفاة بين السكان، مما يستدعي اتخاذ إجراءات سريعة لتوفير المساعدات الغذائية والصحية وإنقاذ الأرواح.
مطالبات بتحرك عاجل
وفي ظل هذه الأزمة الإنسانية، دعت منظمات حقوق الإنسان والمجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لإنقاذ سكان غزة من كارثة مجاعة وشيكة، وحثت على الضغط على الاحتلال للسماح بزيادة عدد الشاحنات التي تدخل إلى القطاع لتلبية احتياجات السكان. وتطالب هذه المنظمات بأن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه سكان غزة وضمان احترام حقوقهم الإنسانية في الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية.
وفي الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل في رفض التقارير الدولية والتحذيرات الأممية، تتزايد معاناة سكان غزة الذين باتوا يواجهون خطر الموت جوعاً في ظل الحصار المتواصل الذي يُفرض على القطاع. ووسط عجز العالم عن توفير الحماية لهم، فإن الفلسطينيين في غزة يعيشون في أوضاع مأساوية تهدد بوقوع مجاعة واسعة النطاق إذا لم يتم التدخل السريع لوقف معاناتهم المتفاقمة.
المصدر: قطر عاجل