كوشنر يكشف دوره في المصالحة الخليجية ورأي بن سلمان في تميم.. ماذا قال؟

تطرق “جاريد كوشنر”، صهر الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، في كتابه الجديد الذي يسرد مذكراته خلال عمله في البيت الأبيض، إلى بعض من فصول الأزمة الخليجية، كما أنه تحدث عن علاقته بزعماء دول الخليج وكواليس اللحظات الأخيرة للمصالحة الخليجية وقمة العلا.

وكشف “كوشنر”، في كتابه أن “ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، طلب منه أن يصالحه بأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأنه كان معجبًا كثيرًا بشخصيته”.

وقال في مذكراته: “كنت أخطط لزيارة قطر وأميرها، في اليوم التالي. لذا قبل انتهاء اجتماعي مع بن سلمان، سألته عما إذا كان قد أحرز أي تقدم مع قطر، والتي كانت محور الحصار الذي تقوده السعودية لأكثر من 3 سنوات.. قال بن سلمان إنهم أعدوا مقترحًا سيرسلونه إلى القطريين عبر الكويت، التي كانت تعمل كوسيط لهم”.

وأضاف “كوشنر”: “قلت (لبن سلمان) سأسافر إلى قطر صباح الغد لرؤية تميم.. يمكنني إحضار العرض معي وحفظ الطابع البريدي لك (توفير الوقت).. قال بن سلمان إنه سيفعل ذلك قبل أن أصعد على متن الطائرة”.

وتابع: “طرحت سؤالًا آخر: إذا كان يريد التحدث، فهل ستكون منفتحًا على إجراء مكالمة معه (تميم)؟ دون تردد، أشار بن سلمان إلى أنه سيكون كذلك.. هو معجب بتميم وأراد حل المسألة والمضي قدما”.

وزاد “كوشنر” في كتابه: “في اليوم التالي، قبل أن نصعد على متن طائرتنا، استقبلنا فيصل على المدرج بعلبة من التمر السعودي كهدية، وسلمني ظرفا يحتوي على عرض سعودي لقطر.. عند وصولي إلى قطر، توجهت أنا وآفي وبريان هوك والجنرال كوريا إلى القصر للقاء تميم والعديد من مستشاريه الموثوق بهم”.

واستطرد: “بدأت علاقتنا بشروط صعبة بسبب اقتراح تيلرسون غير الدقيق بأنني مسؤول عن الخلاف الخليجي.. لقد تحسنت بشكل مطرد على مر السنين حيث التقينا وانخرطنا في حوارات استراتيجية.. عندما شاركت معه خطة السلام من أجل الازدهار الاقتصادية، توقع تميم أننا كنا نركز على الخطة: إذا حققنا السلام في المنطقة، فإن الانفجار في النشاط الاقتصادي سيكون أكبر مما كنا نتخيله”.

وتابع “كوشنر” قائلا: “قلت (لتميم) لدي اقتراح من بن سلمان.. اطلعت عليها مع فريقي، ورغم أنها ليست مثالية، أعتقد أنها بداية جيدة.. قال تميم إنه إذا قاموا بحل الخلاف، فلن تكون الورقة مهمة. المهم هو نية المملكة.. لقد استثمرت قطر وقتًا طويلاً في محاولة الوصول إلى حل وسط، لكن يبدو أنها لم تحرز أي تقدم”.

وزاد: “سألني عما إذا كنت أعتقد أن السعوديين مستعدون حقًا لحل النزاع؟.. قلت ليس الجميع.. لكن بن سلمان جاهز.. عليك أن تثق بي عندما أقول إنني أعتقد أنه يريد حقًا حلها”.

وأردف: “سلمت الوثيقة إلى تميم، وبدأ في قراءتها.. بعد أن ناقشنا بعض القضايا العالقة، سألته عما إذا كان مستعدًا لإجراء مكالمة سريعة مع بن سلمان للاستماع مباشرة من ولي العهد السعودي حول صدق هذا العرض”.

وأضاف: “كان تميم مترددًا، وذكرني أن المكالمة الأخيرة بينهما كانت لطيفة، لكن بعد ذلك أصبحت إشكالية عندما نشر كلا البلدين ملخصات متضاربة للمكالمة، مما أدى إلى زيادة التوترات. وأضاف أنه حتى إذا كان لديهم مكالمة جيدة، فسيحتاجون إلى إصلاح العملية المعطلة والتوصل إلى آلية جديدة للوصول إلى حل”.

وكتب “كوشنر”: “اقترحت إنشاء قناة اتصال بين وزير خارجيته الماهر الشيخ محمد بن عبدالرحمن ونائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان.. يمكنني العمل مع وزير خارجية الكويت، للتوسط في المناقشات”.

وتابع: “سأل تميم عما إذا كان السعوديون سيوافقون على اقتراحي.. إذا وضعنا جانباً كل الإجراءات الشكلية لوجودي في قصر الأمير، فقد أخذت صفحة من كتابي القديم في إبرام الصفقات التجارية: دعني أسأله.. هل لديك غرفة اجتماعات يمكنني استخدامها للاتصال ببن سلمان؟”.

وواصل: “أطلعني مساعده على غرفة الاجتماعات المجاورة.. سرعان ما كنت على الهاتف مع بن سلمان، وأطلعه على حديثي مع تميم.. أكد لي بن سلمان أنه إذا كان تميم صادقًا في رغبته في حل الخلاف، فسوف يقابله أكثر من نصف الطريق”.

واستطرد “كوشنر” روايته بالقول: “سألت هل أنتم منفتحون على إنشاء قناة بين الأمير خالد والشيخ محمد، والتي أود أن أتوسط فيها شخصيًا، لمحاولة حل القضايا العالقة في الوثائق؟ وافق بن سلمان على الفور.. قلت هل تمانع في الانتظار لمدة دقيقة واحدة؟، سلمت الهاتف إلى آفي، الذي كان بن سلمان يستمتع دائمًا بالحديث معه”.

وزاد: “سرت في الردهة القصيرة إلى مكتب تميم.. قلت: لقد وافق بن سلمان على القناة كطريقة لحل القضايا المفتوحة. معي على الهاتف.. أعتقد أنه سيساعد في بناء الثقة لك أن تسمع من بعضكما البعض. هل أنت على استعداد للتحدث معه .. حافظ تميم على وجه البوكر (بلا تعابير) بينما كان يوازن العواقب.. ثم وافق”.

اقرأ ايضاً
سرايا القدس تعلن استشهاد نجل وزوجة القيادي بحركة الجهاد الإسلامي احمد المدلل

وأضاف: “عدت إلى غرفة الاجتماعات.. وقلت لبن سلمان: انتظر ثانية واحدة، سأجمعك مع تميم.. إنه مستعد للتحدث.. ثم دخلت مكتب تميم ووضعت الهاتف على مكبر الصوت.

وتابع: “استقبل تميم بن سلمان باللغة العربية، وتحدث الزعيمان لمدة 10 دقائق تقريبًا بينما كان الجميع في الغرفة يستمعون.. لم أتحدث العربية بطلاقة، وقفت بعصبية، محاولًا قراءة تعابير وجه تميم ومستشاريه، حيث لم يكن لدي أي فكرة عما كانوا يقولون”.

وواصل: “عندما أغلق تميم الخط، توقف للحظة لينظر إلى الهاتف ثم سلمه إلي.. كانت الغرفة صامتة.. كسرت الصمت وسألت هل كانت تلك مكالمة جيدة أم سيئة؟، انفجر الجميع في ضحك عصبي.. شكرني تميم وقال إنها كانت مكالمة رائعة، وأنه منفتح على استئناف المحادثات إذا تمكنوا من إحراز تقدم.. وأعرب عن حزنه لأن الخلاف أدى إلى الكثير من المرارة بين مواطني بلدانهم”.

وأشار “كوشر”، وهو يواصل الحديث عما جرى بعد المكالمة، إلى أن “خالد بن سلمان وفريقه لم يبلغوا محمد بن سلمان بأن الشيخ تميم طلب فتح الأجواء السعودية قبل موافقته على المشاركة في قمة العلا، وفق اتصال جرى بيني وبين ولي العهد في 3 يناير/كانون الثاني 2021”.

ولفت إلى أن “خالد بن سلمان وفريقه أبلغوا محمد بن سلمان بأن قطر طلبت إعادة التفاوض بعد أن جرت تسوية كل شيء وهو ما أدى إلى انهيار الصفقة بين البلدين في 3 يناير/ كانون الثاني قبل يومين من قمة العلا”.

وتابع “كونشر”: “أبلغت محمد بن عبدالرحمن بضرورة مجيء الأمير تميم إلى قمة العلا، ووعدته بتسوية كل شيء هناك، وأنه سيعامل بأعلى درجات الاحترام، رغم انهيار الاتفاق، وأبلغته بأن بن سلمان وافق على فتح الأجواء وبعد 3 ساعات اتصل أمير قطر ببن سلمان وشكره على المرونة السعودية، وأبلغه بمشاركته في العلا”.

 

واستمر التوتر حتى اللحظات الأخيرة، وفق “كوشنر” الذي قال إنه فوجئ باتصال من وزير الخارجية القطري “محمد بن عبدالرحمن”، بينما كانت طائرة الأمير تميم تستعد لدخول الأجواء السعودية، ليخبره الوزير القطري أنهم قرروا العودة بالطائرة إلى الدوحة، وأن “تغييرا طرأ في اللحظة الأخيرة على الاتفاق”.

ويصف “كوشنر” هذه اللحظة بـ”المريعة”، قائلا: “ركضت حينها مع وزير الخارجية الكويتي إلى محمد بن سلمان الذي أخذ الهاتف منا وذهب بعيدا ثم عاد وقال إن المشكلة حُلت”، مضيفا: “لقد أعطى كلمة وقرر القطريون أنه سيفي بها”.

ومثل مشهد استقبال ولي العهد السعودي لأمير قطر على سلم الطائرة لدى وصوله إلى مدينة العلا، في يناير/كانون الثاني 2021، بداية حقيقية للمصالحة الخليجية، حيث بادر “بن سلمان” باحتضان الأمير القطري وقال له: “نورت المملكة”.

وشهدت القمة وضع ميثاق للمصالحة، انضمت إليه الإمارات ومصر والبحرين بدرجات متفاوتة، لكن توترا متقطعا في العلاقات بين قطر والبحرين لا يزال مستمرا حتى الآن.

ومقابل تصريحات “كوشنر”، عن دوره في المصالحة الخليجية، شككت مصادر في دقة عدد من التفاصيل، واتهمت صهر الرئيس الأمريكي السابق، بمحاولة الادعاء بتنفيذ مسعى المصالحة لوحده.

وحسب المصادر التي اطلعت على المذكرات، فإن “كوشنر” بالغ في الدور الذي لعبه في المصالحة، واستثنى جهود الكويت، التي ساهمت بشكل فعال في دفع مسار المصالحة.

وانتقدت صحف أمريكية وغربية مذكرات “كوشنر”.

وحسب تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت” البريطانية، كشف اثنان من مراسلي “سي إن إن”، أن مساعدي الرئيس السابق “دونالد ترامب” كانوا مستائين من الأخبار التي تفيد بأن جاريد كوشنر كان يكتب كتابا.

وأشارت الصحيفة إلى أن “كوشنر” ربما يخطط لنيل الفضل في إنجازات “ترامب”.

وأضافت أن “ترامب كان على حق، جاريد يريد حقا أن يأخذ الفضل، وقد أظهر ذلك بوضوح في صفحات مذكرات البيت الأبيض”.

كما لم تأتِ مراجعة صحيفة “نيويورك تايمز” للمذكرات إيجابية كذلك.

فقد وصف الصحفي الأمريكي “دوايت غارنر”، الكتاب بأنه “شاق وصعب”، مقارنا إياه بجولة في قصر مهدم “يركز فقط على ما تبقى وسط الرماد ويبتهج به”.

وأضاف أن أسلوب الكتابة أقرب إلى “مقال قبول جامعي”.

ووصف مقال “غارنر” النقدي ولاء “كوشنر” لـ”ترامب” بجملة مجازية، كتب فيها: “لقد ذكرتني قراءة هذا الكتاب بمشاهدة قطة تلعق عين الكلب”.

ويعتبر “جاريد كوشنر” أحد أكثر المستشارين الرئاسيين أهمية في التاريخ الحديث.

في كتابه الجديد، الذي جاء في 465 صفحة، يكشف النقاب عن كواليس البيت الأبيض، ويروي ما حدث خلف الأبواب المغلقة خلال رئاسة ترامب.

وأبرز ما تناولته المذكرات هو علاقة “كوشنر” مع “بن سلمان”، وكيف وقف معه بعدما اتهم بإصدار أمر لقتل الصحفي “جمال خاشقجي”، وخلافه مع بقية المسؤولين في البيت الأبيض، الذين اتهموه بالدفء مع الحاكم السعودي، وكيف أنه استخدم العلاقات لبناء علاقات بين إسرائيل والعالم العربي.


المصدر: وكالات

شاهد أيضاً

2

غزة: بوريل يدين التصعيد الإسرائيلي ويدعو لوقف استهداف المدنيين

أعرب جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، اليوم الاثنين، عن إدانته الشديدة للغارات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *