منذ سيطرة النظام السعودي على مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة في عشرينيات القرن الماضي، بات موسم الحج ورقة رابحة في يد الدولة السعودية لاستمالة الدول والشعوب والقادة والمنظمات السياسية والأحزاب حول العالم، أو لمعاقبتها وفرض عنصريتها عليها، كما استخدم ورقة علاقات عامة ولمدّ جسور سياسية مع العديد من قادة الدول، ما أخرجه من دائرة العبادة إلى دائرة السياسة. بالإضافة إلى تمييع موسم الحج سياسياً وفرض عدم المساواة بين المسلمين.
تنقل قنوات التلفزيون العالمية في كل عام في بثٍّ متواصل الحدث الإسلامي الأهم: الكعبة وحولها الحجاج بملابس الإحرام يؤدون المناسك التي من المُفترض أن تكون مؤتمراً سنوياً للمساواة.
إلا أن هذه المساواة تصير خرافة حين نقارن الحاج الذي يبيت إلى جوار المسجد الحرام بذلك الذي يسكن بفندق قرب ساعة مكة التي تعلو «أبراج البيت»، ويدفع ما بين 1800 و4700 دولار في الليلة واحدة.
تطل مجموعة الفنادق تلك على الكعبة من فوق السحاب، وبينها ثالث أطول أبراج العالم، ويمكن رؤيتها من بُعد 30 كيلومتراً، وهي فخر مكة الذي كلفها 15 مليار دولار، لكن بيت الله الذي كان أكبر ما في تلك المدينة بات مع مرور الوقت أصغر ما فيها حجماً. فهل أصبح جَنْي المال في مكة أهم من المقدسات الدينية؟
اقرأ ايضا
المساواة بين حجاج بيت الله الحرام
تتعامل السعودية مع الحجاج بحسب البلد التي ينتمون إليه، فالفقر او الوضع الاقتصادي ولون البشرة هما ايضا عامل محرك لطريقة التعامل مع الحجاج. بحسب مراقبون.
وعلى تويتر يتفاعل نشطاء مع هذه الظاهرة المتكررة بين حجاج بيت الله الحرام والعنصرية واللامساواة المنتشرة بينهم، والتي تصل أحيانا للقتل.
بحجة اضطهاد الأقليات واصلاًمافي اقليات ولاعنصرية ..معظم المسؤولين في المراتب العلياليسوا أبناء قبائل ومن ابرزهم وزراء البعض منهم مسئول عن الركن الذي يمثل احد اهم طقوس الاسلام وهو الحج لمكة من اسماءهم تعرف بلدانهم الاصلية وهناك من ياتي ويحدثك عن العنصرية #عصمان #كلنا_خالد_الفيصل pic.twitter.com/KnkmxFAb8s
— اشراف اون لاين (@ashrafonlin) February 23, 2020
(ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه)؟؟
اختطاف عالم أعزل ذهب ملبيا لله بفريضة الحج قبح مطلق وخسة ونذالة لا حدود لهما…
إنها العنصرية في أقبح وأبشع صورها أن يختطف الإنسان ويغيب في السجون بسبب نسبه… https://t.co/fseZskfJb4— محمد احمد مفتاح (@mohammed772222) August 25, 2019
تسييس الشعائر: لا تأشيرات لخصوم المملكة
منذ بداية الحروب التي مهدت لتأسيس المملكة، عرف مؤسسها الملك عبدالعزيز الذي كان أمير منطقة نجد أهمية السيطرة على المدينتين المقدستين، مكة والمدينة، لتوسيع النفوذ السياسي والديني لدولته الوليدة.
وسرعان ما ادعى أن الشريف حسين، حاكم مكة، منع حجاج نجد القادمين من الحج. وأعلن الحرب ضد الحجاز للسيطرة على مكة والمدينة، وذلك بعد أن حصل على فتوى شرعية من علمائه.
وكثيراً ما اتهمت إيران السعودية بسوء إدارة الحج. وارتفعت حرارة الأمر حينما انحرف موسم الحج عن قدسيته، وقتل رجال الأمن السعوديون مئات الحجاج الإيرانيين المحتجين عام 1987.
وفي عام 2018 اتهمت دولة قطر السعودية بمنع القطريين من الحج، وهو أمر تنفيه الرياض، فيما قالت الدوحة إن نزاعاً دبلوماسياً لن يمنع مواطنيها من أداء الفريضة.
من جانب آخر تجامل السعودية أصدقاءها بمنحهم حصة أكبر من التأشيرات، بالإضافة إلى دعوات استضافة شخصيات عامة وإعلاميين من جميع بقاع العالم الإسلامي.
مثلاً تمنح السعودية إندونيسيا صاحبة أعلى كثافة إسلامية عالمياً، أكبر حصة للحج تبلغ حوالي 230 ألف تأشيرة حج سنوياً. وتعد زيادة ذلك الرقم طموحاً وأولوية لدى المسؤولين الإندونيسيين، حيث يضطر بعض مواطنيها للانتظار 20 سنة للحصول على فرصة لأداء هذه الفريضة.
لذلك نادراً ما تعترض جاكرتا على جهود الرياض الدينية على أرضها خلال العقود الماضية حرصاً منها على عدم تعريض حصتها من الحج للخطر.
ولكن تورّط الرياض في نزاعات إقليمية أدى إلى مزيد من تسييس الحج، ما دعا أئمة في كل من ليبيا وتونس إلى مقاطعة الحج بسبب التدخل السعودي في الحرب الأهلية باليمن.
المصدر: قطرعاجل