أكد معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن العلاقات الاستراتيجية التي تجمع دولة قطر مع الجمهورية الفرنسية تتميز بالتجانس التام، والتقارب في المواقف، والتنسيق المستمر.
وأعرب معاليه، في مؤتمر صحفي عقده مساء اليوم بالدوحة مع سعادة السيدة كاثرين كولونا وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية في الجمهورية الفرنسية، عن سعادته بافتتاح الحوار الاستراتيجي الثاني بين قطر وفرنسا، والذي يعد آلية هامة لتعزيز التعاون المثمر والبناء بين البلدين الصديقين، والتوافق على خطة عمل مشتركة للسنوات المقبلة.
وقال معاليه: “أكدنا على أهمية الارتقاء بمستوى التعاون القائم بين البلدين، خصوصا في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والدفاعية والأمنية بما في ذلك مكافحة الإرهاب، وقد أدى التنسيق السياسي والدبلوماسي بين الدولتين في مجال المساعدات الإنسانية إلى فتح آفاق جديدة للتعاون في هذا المجال، حيث شاهدنا خلال الفترة الماضية تحركات لبحث سبل التعاون الإنساني في أفغانستان ولبنان وفلسطين، ونتطلع لتوسيع هذه الشراكة لتشمل دولا متعددة، فضلا عن وجود فرص لتعزيز التعاون بين البلدين في مجال التغير المناخي وتصدير الطاقة وأمن الطاقة”.
وأشار معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى مباحثاته مع الوزيرة الفرنسية حول طرق تقوية العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين في المجالات التجارية والاستثمارية، مبينا أن الاستثمارات القطرية في فرنسا والاستثمارات الفرنسية في قطر تعد أساسا للشراكة الاقتصادية وروافد مهمة لاقتصاد البلدين، وأن فرنسا تحتل مراحل متقدمة في قائمة الشركاء التجاريين مع دولة قطر، وأن هناك فرصا تمت مناقشتها بين مسؤولي البلدين على مدار الأسابيع الماضية لتوجيه هذه الاستثمارات إلى قطاعات استراتيجية جديدة.
وعبر معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني عن امتنانه لجميع الجهود التي قامت بها جمهورية فرنسا الصديقة لدعم استضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، وخصوصا في المجال الأمني، معربا عن تطلعه لدعم جهود الحكومة الفرنسية لتقديم نسخة ناجحة ومميزة في دورة الألعاب الأولمبية العام المقبل.
وفيما يتعلق بالتطورات على الساحة الدولية، أوضح معاليه أنها نالت حيزا مهما من المناقشات مع الجانب الفرنسي، حيث تم الاتفاق على ضرورة توحيد الجهود للوصول إلى أهداف تخدم أمن واستقرار وازدهار المنطقة، وتدعم الأمن والسلم الدوليين، فبخصوص القضية الفلسطينية أكدت دولة قطر وتؤكد دائما على موقفها الثابت من عدالة القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني التي يجب الدفاع عنها، ودعم إقامة دولته المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وضرورة الضغط على إسرائيل لوقف كافة الإجراءات الأحادية التي تقوم بها تجاه الشعب الفلسطيني.
وتابع معاليه بأنه تمت مناقشة الأزمة الروسية الأوكرانية “وأكدنا على موقف قطر الثابت من التمسك بميثاق الأمم المتحدة، وإدانة الاعتداء على سيادة أي دولة، واحترام سيادة واستقلال أوكرانيا ووحدة أراضيها في حدودها المعترف بها دوليا”، بالإضافة إلى مناقشة مواضيع متعددة، منها الأوضاع في سوريا وأفغانستان، وفي العراق وليبيا ولبنان والسودان وتشاد، وقضايا متعددة تهم الأمن والسلم الدوليين، معربا عن تطلعه للمضي قدما بالعلاقة الاستراتيجية بين البلدين لتحقيق ما تمت مناقشته اليوم.
وعن آليات التنسيق الأمني بين قطر وفرنسا، قال معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية: “بالنسبة للتعاون بين البلدين في تعزيز الأمن والسلم الدوليين فإن الحوار السياسي مستمر على جميع المستويات من خلال التشاور حول القضايا المختلفة، والشراكات التي تعمل فيها قطر مع فرنسا لمحاولة حل هذه الأزمات الدبلوماسية”، مشيرا إلى تعاون البلدين وعملهما المشترك في جمهورية تشاد، “فقطر كانت ميسرا لـ “حوار الدوحة” بين الفرقاء التشاديين، وكانت فرنسا من أكثر الدول الحاضرة والداعمة في هذا الحوار، وأنه لولا الشراكة مع فرنسا والدول الأخرى المشاركة لما تحققت هذه النتائج الإيجابية”.
وأضاف معاليه أن التعاون بين البلدين متعدد الأوجه، ودائما المواقف بينهما متقاربة، وأنهما يسعيان دائما لتعزيز هذا التقارب لتحقيق الأمن في المنطقة من خلال التشاور المستمر، ومحاولات إيجاد حلول سلمية للقضايا المختلفة، لا سيما في لبنان وسوريا والملف النووي الإيراني.
وفيما يتعلق بالتعاون بين قطر وفرنسا في مجال التنمية الدولية، أوضح معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني أن الشراكة التي تجمع البلدين تجلت في مشاريع إنسانية مختلفة في أفغانستان، معربا عن تطلعه لتوسيع هذه الشراكة في دول أخرى، خاصة أن قطر من الدول الناشطة في المجال الإنساني والتنمية الدولية، وتصل مساعداتها لأكثر من 100 دولة حول العالم، والعمل المشترك بين قطر وفرنسا يعتبر قيمة مضافة لدعم هذه البلدان، والوصول إلى حلول سياسية في المناطق التي تعاني من الأزمات.
وبخصوص موقف قطر من الأزمة السورية والأوضاع في لبنان، أكد معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية دعم دولة قطر لكافة الجهود الإقليمية والدولية الرامية لإيجاد حل شامل وعادل للأزمة السورية، يحترم وحدتها وسيادتها وسلامة أراضيها، ويحقق تطلعات الشعب، ويرتكز على قرار 2254 بكافة جوانبه الإنسانية والسياسية.
وتابع معاليه بالقول: “نحن ليس لدينا أي موقف ضد سوريا، فهي دولة شقيقة والشعب السوري إخوة لنا، ونحن ليس لنا مشكلة مع سوريا، ولكن لدينا مشكلة مع نظامها، ذلك النظام الذي يقصف أرضه ويشرد شعبه على مدى أكثر من عشر سنوات، وهذا هو أساس المشكلة”، منبها على أن هناك محاولات وجهودا إقليمية لإيجاد حل سياسي، قطر تتفق معها وتدعمها لكن تختلف مع الطريقة أو التوجه الذي يتم به تحقيق هذه الأهداف، فقطر تهدف إلى إيجاد حل عادل ينصف الشعب السوري، وعودة آمنة للاجئين السوريين، وأن يكون هناك حل سياسي يرتضيه الشعب السوري وليس حلا ترتضيه دولة قطر أو فرنسا أو أي دولة أخرى.
وفيما يخص دعم لبنان، أوضح معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية أن قطر تدعم لبنان الشقيق بشكل مستمر، وتسعى لأن ينعم بالاستقرار، وأن يكون هناك انتخاب للرئيس وتعيين لرئيس الوزراء في أسرع وقت ممكن لأن هذه العملية طالت، والذي يدفع ثمنها هو الشعب اللبناني والاقتصاد اللبناني، الذي أصبح منهكا بسبب هذا الفراغ السياسي، وهناك الكثير من البرامج التي تطلبها لبنان لإعادة بناء النظام الاقتصادي، ودولة قطر ستكون من الداعمين لهذه البرامج.
وشدد معاليه على أن الحل السياسي لملء الفراغ في لبنان في يد اللبنانيين وليس أي أحد آخر، معربا عن أمله أن يتجاوز الفرقاء اللبنانيون الخلافات بينهم، ويفكروا في مصلحة لبنان بشكل أساسي، وفيما يخص الجيش اللبناني لفت معاليه إلى أن دولة قطر تقدم دعما مستمرا للقوات المسلحة اللبنانية “التي نرى أنها مؤسسة يجب الحفاظ عليها وعلى وحدتها واستقرارها لأهميتها في استقرار لبنان الشقيق”.