كان الأسطل يعمل في أحد المطاعم بمدينة خان يونس بهمة ونشاط قبل أن يأتيه خبر تعرض منزله للقصف، ‏وفقا لحديث رئيسه في العمل محمود كلخ، ليهرول على الفور في اتجاه المنزل للاطمئنان على أحوال أفراد ‏عائلته وتداعيات الهجوم عليهم.

ويضيف كلخ في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”:”عند وصول معتصم إلى الشارع الذي يقطن فيه داخل منطقة ‏القرارة، فوجئ بدمار كبير في أنحاء المكان، وعند الاقتراب من منزله اكتشف مقتل كل أفراد أسرته خلال القصف، كانت صدمة ‏شديدة مر بها هذا الشاب الطيب”.

ويوضح كلخ أن معتصم فقد في لحظات قليلة والده ووالدته و3 من أشقائه الشباب و4 من شقيقاته، مشيرًا ‏إلى أنه حاول التماسك رغم صعوبة المشهد، واستجمع قواه حتى يتمكن من إخراجهم من أسفل حطام ‏المنزل. ‏

 كانت وزارة الصحة الفلسطينية قد أعلنت عن وفاة 16 ألف شخص وإصابة 35 ألفا أخريين منذ اندلاع ‏الحرب ‏في غزة، بجانب وصول عدد المفقودين إلى 6 آلاف من بينهم نحو 1700 طفل، فضلا عن تعرض 56 ‏ألف وحدة ‏سكنية إلى التدمير الكامل و240 ألف بيت لتدمير جزئي.‏

ويؤكد كلخ أن معتصم انهمك في انتشال جثامين أسرته بالكامل من بين الركام وبمساعدة البعض جرى ‏نقلهم إلى المستشفى، موضحًا في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية” أن الشاب العشريني استغرق بعض الوقت في ‏إتمام خطوات دفن أفراد العائلة بينما تغالبه الدموع.‏

ويتابع: “فوجئنا بمجيء معتصم إلى المطعم بعد الانتهاء من دفن أسرته مطالبا بسرعة الانغماس في ‏أعمال التطوع الخاصة بتقديم يد العون إلى النازحين القادمين من الشمال والمحتاجين في مدينة خان يونس ‏من خلال تجهيز وجبات الطعام المجانية لهم في (التكية)”.

اقرأ ايضاً
لبنان يطالب بوقف الاستفزازات الإسرائيلية على حدوده

وخلال الحرب، انتشرت “التكيات” داخل قطاع غزة، التي تضم عدد كبير من المتطوعين الذين ينهمكون في طهي كميات كبيرة من الوجبات لتوزيعها في ظل النقص الحاد للغذاء داخل مراكز الإيواء، وبالتزامن مع مناشدات منظمات المجتمع ‏الدولي بضرورة توفير إمدادات غذائية للنازحين.

ويسترسل كلخ : “عندما رأيته لم أصدق، قمت بسؤاله (إيش جابك؟). شعرت أنه ‏في حاجة لمزيد من الوقت قبل العودة إلى العمل نتيجة الظروف الصعبة، لكن تعليقه كان مؤثرًا للغاية ‏‏(قال لي هرجع لمين؟). ثم عبر عن رغبته في الاشتراك بإعداد الطعام للنازحين”.

 ارتدى معتصم سريعا ملابس العمل، وانضم إلى زملائه في التكية، وفقا لتصريحات كلخ، بينما يكسو الحزن ملامحه، كان الشاب العشريني يساعد بحماس كبير في تجهيز نحو 10 آلاف وجبة طعام حتى يتم ‏توزيعهم داخل مراكز الإيواء في مختلف الأماكن بمدينة خان يونس.‏

وأعلنت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” عن نزوح نحو 1.8مليون فلسطيني من ‏منازلهم ما يوازي أكثر من 80 بالمئة من السكان منوهة إلى أنها تستضيف نحو 1.1 مليون شخص داخل ‏‏156 مركزا للإيواء من بينهم 956 ألف نازح في مناطق الوسط وخان يونس ورفح.

وحرص كلخ وزملاء معتصم على تكريم الشاب الذي فقد أسرته في الحرب على مبادرته الطيبة وسعيه إلى ‏مساعدة النازحين، إذ التف حوله الجميع أثناء إعداد الوجبات وقاموا بتوجيه الشكر له والثناء على ‏فعلته وتقديم كلمات المؤازرة والإشادة بدوره في تلك المهمة الإنسانية.‏‏ ‏