مستقبل دبي بين يدي حمدان ومكتوم.. الواجهة و رجل الأرقام

استعرضت وكالة بلومبرج الأمريكية في تقرير لها واقع مدينة دبي الإماراتية الحالي والمستقبلي، معتبرةً أن نجلا حاكمها الفعلي محمد بن راشد آل مكتوم يرسمان ملامح دبي الحالية وأن مستقبلها يقع بين يدي هذين الأميرين المختلفين للغاية في ظل مكافحتهم ضد هيمنة أبوظبي على المشهدين السياسي والاقتصادي في الدولة.

وتطرقت الوكالة الأمريكية في تقرير مفصل لها نشر يوم أمس الأحد، ملامح شخصية الأميرين معتبرةً أن الأول يتصدر وسائل الإعلام والآخر هو رجل الأرقام، بحيث يتمتع الأول وهو ولي عهد الإمارة بقبول وتواجد اجتماعي وسط دبي وقبائلها وبالتالي يلعب دوره السياسي المطلوب، بينما يعد الثاني متميزا في لغة الأرقام والأمور المالية، ليبدو أن دورهما يتكامل بلا أية مشكلة حتى الآن.

شخصية نجلي حاكم دبي ومسؤوليتهما

وقال التقرير إن ولي العهد الحالي للشيخ محمد بن راشد أي نجله حمدان الملقب بـ”فزاع”، وشقيقه الشيخ مكتوم “كلفا بالحفاظ على مكانة المدينة كمركز أعمال في الشرق الأوسط”، ونظرا لأن والدهما، حاكم دبي، “يمنحهما مزيدا من المسؤولية، فقد قاما بتخصيص مكانة لهما” في المدينة.

إلى ذلك، قال ناصر الشيخ، المدير العام السابق للدائرة المالية في دبي: “اعتبروها شركة. فيكون حمدان هو رئيس مجلس الإدارة ومكتوم هو المدير التنفيذي. فحمدان هو واجهة دبي وولي العهد، لكنَّ القرارات بشأن كل المسائل تُتَّخذ بعد التشاور بين الشقيقين”.

ويضطلع الأميران بمهمة “حماية مكانة دبي كمركز أعمال بارز في الشرق الأوسط وسط منافسة من المنافسين الإقليميين والتدقيق الدولي في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا”.

ويحتاج الشقيقان أيضاً للحفاظ على التوازن الحساس للسلطة في الإمارات. يأتي ذلك بعدما أقنعت قيادة دبي أبوظبي بإعادة التركيز على الأعمال والاقتصاد وتقليل التركيز على السياسة الخارجية التي أدَّت إلى انخراطات عسكرية في صراعات تمتد من اليمن إلى ليبيا وتركيا.

ووصف التقرير أن الشيخ حمدان يمثل استمرارا لصورة والده القائد الودود، حيث أن حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي تمتلئ بصور رسمية، ولكن بالمقابل له أيضا صور أثناء القفز بالمظلات وتسلق الجبال وركوب الخيل، أو الوقوف على قمة أطول برج في العالم.

كما أن لديه متابعين على إنستغرم يفوق عددهم عدد سكان الإمارات، ويختلط مع الناس في مراكز التسوق والمطاعم في دبي.

أما شقيقه مكتوم فقد برز في أزمة دبي المالية في 2008 إلا أنه انطلق إلى دائرة الضوء عندما تم تعيينه وزيرا للمالية في سبتمبر 2021 بعد وفاة عمه.

ويظهر الشيخ مكتوم “في صورة رجل قد يكون أقل بروزا في المشهد الاجتماعي بالمدينة، لكن تأثيره يلقى إشادة المستثمرين الأجانب، ويجعل المديرين التنفيذيين في الشركات التي تديرها الحكومة واقفين على أصابع أقدامهم”.

ويهدف الشقيق الأصغر بحسب التقرير، إلى ضمان عدم تكرار أزمة عام 2009، عندما تطلبت المدينة خطة إنقاذ بقيمة 20 مليار دولار من أبوظبي.

صراع الهيمنة والنفوذ بين دبي وأبوظبي

وقبل أيام تحدث موقع إنتلجنس أونلاين “Intelligenceonline” الفرنسي المعني بالشؤون الاستخباراتية، عن الخلاف بين الإمارتين.

وقال الموقع الفرنسي أن عائلة آل نهيان بدأت مؤخرا بخطة واسعة لتطوير القطاع المالي في أبوظبي بشكل سري، بهدف تحويلها إلى مركز مالي وسحب البساط من تحت أقدام عائلة آل مكتوم.

وبحسب الموقع فإن الخطة دفع بها رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان ويشرف على تنفيذها بشكل شخصي مستشار الأمن القومي طحنون بن زايد.

وكان الموقع ذاته قد نشر تقريراً حول صراع الهيمنة والنفوذ بين أبوظبي ودبي في ظل تعاقب الأجيال على السلطة في الإماراتين.

وقال الموقع الفرنسي حينها، أن ولي عهد دبي حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ”فزاع”، يسعد لتولي مهام والده في دبي بكل حذر، موضحاً أن أحد أهم أهدافه الرئيسية يتمثل في الحد من نفوذ أبوظبي وهيمنة حكامها على شؤون البلاد.

وبحسب الموقع فإن نفوذ ولي عهد دبي (39 عاما) بدأ بالتزايد منذ فترة طويلة وذلك بسبب الشائعات عن تعيينه كحاكم فعلي لدبي من قبل والده محمد بن راشد آل مكتوم (73 عاماً)، وهو الأمر الذي يبرز جلياً من شخصية فزاع الذي يصوّر نفسه كالحاكم المستقبلي الأقرب إلى الناس إذ يعني اسمه في العامية الإماراتية “الشخص الذي يخدم الناس” ويحظى حسابه على إنستجرام (Faz3) بـ14.6 مليون متابع.

وأضاف الموقع الفرنسي أن فزاع يتبنّى حاليا أجندة سياسية تُشير إلى أنه سيتولى الدفة من والده، حيث اعتبر أن إعلانه عن خطة مساعدات بقيمة 12 مليون دولار لـ “أصحاب الهمم” بمثابة علامة على الخطوات الجارية حالياً فيما يتعلق بخلافة زعيم الإمارة التي يشغل منصب رئيس مجلسها التنفيذي.

ولدى فزاع حالياً مسؤوليات أكبر داخل الأوساط الاقتصادية في دبي، ويملك أيضاً رؤية لجعل اقتصاد الإمارة أكثر تنافسية، والحفاظ على مكانتها القوية في مواجهة السلطة السيادية الإماراتية، التي تُهيمن عليها أبوظبي بصورة متزايدة، وفق الموقع.

ويشرف فزاع على العديد من الشركات العامة العالمية الكبرى بفضل مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية التي تعدُّ بمثابة صندوق استثمارات مملوك لحكومة دبي، كما تسمح له هذه المؤسسة بالإشراف على عشرات الكيانات مثل بنك الإمارات دبي الوطني (55.8%)، وبنك دبي الإسلامي (28.3%)، وإينوك (100%)، وإعمار، وفندق أتلانتس الأيقوني (100%) المبني على جزيرة النخلة الاصطناعية في دبي.

وجرت ترقية فزاع لمنصب ولي عهد دبي، في فبراير/شباط عام 2008 وهو في الـ27 من عمره، بينما كان يشغل منصب رئيس المجلس التنفيذي للإمارة منذ سبتمبر/أيلول عام 2006، حيث بات يشرف من خلال منصبه هذا على كافة الكيانات الحكومية الخاصة بالإمارة، بدايةً من شرطة دبي ومطارات دبي، ووصولاً إلى دائرة مالية دبي.

وأصبح فزاع المولود في الرابع عشر من نوفمبر العام 1982، أكبر أبناء والده الأحياء، بعد وفاة شقيقه الأكبر راشد عام 2015.

وبعد أن أنهى دراسته الثانوية في في مدرسة راشد الخاصة في دبي، توجه إلى بريطانيا وأكمل دراسته في أكاديمية “ساند هيرست” العسكرية الملكية وتخرج في عام 2001.

كما حصل فزاع على عدد من الدورات التدريبية الاقتصادية المتخصصة في كلية لندن للاقتصاد وكلية دبي للإدارة الحكومية.

يشار إلى أن إمارة دبي تطورت بشكل سريع لتصبح مركزا للسياحة والتجارة والأعمال في الشرق الأوسط، بينما تعتبر أبوظبي هي العاصمة السياسية لدولة الإمارات بسبب حجمها وثروتها النفطية الكبيرة، ومن المتوقع أن يصبح خالد بن محمد آل نهيان ولي العهد المقبل لإمارة أبوظبي حيث يُشرف في صمتٍ على الأمن الداخلي للإمارة.

المصدر: قطر عاجل + بلومبرج + إنتلجنس أونلاين Intelligenceonline