بدأت اليوم بالدوحة فعاليات مؤتمر “استدامة الواحة: تصور مستقبل الأمن المائي في الخليج”، الذي تنظمه جامعة جورجتاون في قطر لأول مرة بالتعاون مع معهد مشاعات الأرض التابع لجامعة جورجتاون في العاصمة الأمريكية واشنطن.
ويشارك في المؤتمر الذي يستمر يومين، أكاديميون ومهتمون ومتحدثون متخصصون، ويناقش قضايا متعلقة بمجالي الأمن المائي والاستدامة، منها إدارة المياه ودورها في ضمان استقرار المنطقة في ظل تغير المناخ، واستكشاف الرؤى الشاملة لمستقبل الأمن المائي، وكيفية زيادة الوعي حول التحديات والحلول.
ومن المقرر أن يتم رفع النتائج الصادرة عن المؤتمر إلى رئاسة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “28 COP” لإثراء المناقشات والمفاوضات حول المياه.
واتفق المشاركون في الجلسة الافتتاحية على أن التهديدات التي تحدق بالأمن المائي بسبب تغير المناخ، وارتفاع استهلاك المياه، تتطلب من دول العالم التعاون وتكاتف الجهود واتخاذ التدابير الجريئة والعاجلة على غرار الجهود التي بذلها العالم لمكافحة الأمراض وإطلاق الثورة الرقمية.
وفي هذا الصدد شدد الصحفي والمفكر مالكولم جلادويل في كلمته الافتتاحية للمؤتمر على أن التدابير الجريئة والعاجلة التي أدت إلى اكتشاف علاج سرطان الدم لدى الأطفال وثورة الحاسوب الشخصي نموذج يحتذى به في التعامل مع ظاهرة تغير المناخ وملف الأمن المائي.
وقال جلادويل: “عندما نعلم أنه تمت إزالة 20 بالمئة من غابات الأمازون، فإننا نعتقد أن لدينا الكثير من الوقت وأن الأمر لا يزال في مراحله الأولى، ولكن عندما نعلم أنه هذه الغابات تنهار عند إزالة 40 بالمئة منها، ندرك حينها أنه ليس أمامنا الكثير من الوقت على الإطلاق، الكثير من الناس ينكرون ظاهرة تغير المناخ لأنهم غير مستعدين بعد لقبول هذا النوع من المصير غير البديهي”.
وأكد جلادويل أن نقطة التحول أو اللاعودة لا تتفق مع المنطق العام للتفكير. وقال: “نحن قريبون بشكل خطير من نقطة اللاعودة في جهود تجريف غابات الأمازون وإزالتها، حيث تتغير المنظومة البيئية في الأمازون بسرعة كبيرة من غابات مطيرة إلى نوع من السافانا منذرة بعواقب وخيمة ومدمرة على الكوكب بأكمله، إنها ليست مشكلة عادية، بل شيء سيتغير بين عشية وضحاها ولا يمكننا التعامل معه بطريقة تفكير تقليدية إذا كنا نرغب في الحصول على أي من النتائج الإيجابية”.
من جانبها ذكرت الدكتورة رها حكيم داور، المشاركة في تنظيم المؤتمر، ومستشار أول لعميد جامعة جورجتاون في قطر وعميد معهد مشاعات الأرض، أمثلة للحلول التقليدية والمبتكرة والقائمة على الطبيعة التي ساهمت في تحقيق تغييرات جذرية، مشيرة إلى أن منطقة الخليج تولي اهتماما كبيرا لدور المياه على مر التاريخ، خاصة وأنها تواجه اليوم الكثير من التحديات الجديدة.
وقالت إن منطقة الخليج حساسة بشكل خاص للتحديات التي يفرضها الأمن المائي في مواجهة كوكب متغير، وتقع ستة من البلدان العشرة الأكثر معاناة من ندرة المياه في هذه المنطقة، وتتطلب مواجهة هذا التحدي اتباع نهج متعدد التخصصات وتعاوني، نهج يربط العلوم والتكنولوجيا والابتكار المتطور بالتدابير السياسية والحوكمة المستدامة.
في السياق ذاته أكد بيتر مارا، رئيس معهد مشاعات الأرض، على أهمية القوة المؤثرة للتعليم في إحداث التغيير، والحاجة إلى إنشاء تخصصات أكاديمية وعلمية متعددة ومتقاربة، وتعليم تجريبي، وفرص تعليمية قائمة على البحوث، موضحا أن معهد مشاعات الأرض يقوم بدور بارز في هذا الجانب عبر الدورات والبرامج البحثية والدرجات العلمية، التي يوفرها وكذلك مشاركاته في مؤتمرات وندوات ونقاشات يلتقي خلالها العديد من الخبراء والمتخصصين للحوار والنقاش حول قضايا مهمة.
يذكر أن المؤتمر مفتوح للجمهور وسيشهد في يومه الثاني مناقشات رفيعة المستوى حول جدول أعمال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) والجلسات التي تركز على المياه، و”العلاقة بين المياه والغذاء: الجغرافيا السياسية للأمن الغذائي في الخليج”، و”دور دول الخليج في تعريف الأمن المائي العالمي”، بالإضافة إلى حلقات نقاشية لموضوعات محورية وقضايا مهمة.
شاهد أيضاً
قطر: جغرافيا مميزة ومركز عالمي للطاقة والسياحة والاستثمار
تتميز دولة قطر بمكانتها البارزة على الساحة الإقليمية والدولية، حيث تجمع بين موقع جغرافي استراتيجي …