في 9 من سبتمبر/ أيلول من عام 2020 انقلبت موازين العلاقات العربية مع إسرائيل، فما كان خفيا تحت الطاولة ومخفيا عن الأعين قد ظهر إلى العلن، معلناً بذلك بدأ عصر جديد من الدناءة والخيانة العربية للقضية الفلسطينية. في ذلك التاريخ قامت الإمارات بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ ذلك الحين، وهي تعمل كوكيل لإسرائيل بشكل علني. ما دفع ايضا البحرين والسودان للإلتحاق بركب العار ، فيما تنتشر أنباء عن إلتحاق قريب للسعودية للتطبيع مع الكيان الصهيوني عند زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للملكة.
عملت الإمارات بعد تطبيعها العلاقات مع إسرائيل على ضخ أموال طائلة التي حجبتها عن شعبها وسخرتها في خدمة دولة الاحتلال. واتبعت أساليب سياسية غير أخلاقية بهدف ترويج أفكارها وتبرير موقفها.
مساعي إماراتية لإلحاق تونس بقطار التطبيع مع إسرائيل.. هل تنجح؟!
تعيش تونس مؤخراً أزمة مالية حادة، قد ضربت البلاد وأنهكت كاهل التوانسة، حيث رافقها خروج الآلاف من التونسيين في تظاهرات طالبوا فيها باسقاط الحكومة الفاسدة ورددوا شعارات تفضح الفاسدين وتجار الأزمات. وقال محللون أن المخاوف تزداد بشكل كبير من أن تستغل الإمارات الأزمة الاقتصادية الحادة، التي تمر بها دولة تونس وتحاول جرها إلى قطار التطبيع أو ابتزازها ببعض الأموال. وما يزيد الشكوك، هو وجود قيس سعيد على رأس السلطة والذي يسعى جاهداً للاستحواذ على جميع السلطات ويكرس للديكتاتورية، فيما عدّه البعض محسوبا على الجانب الإماراتي.
اقرأ ايضا
في السعودية.. أطنان الذبائح والأضاحي ضاعت بين التباهي والإسراف
تلميح إماراتي غير مباشر للتطبيع
تتخذ القضية الفلسطينية مكانة خاصة في قلب كل عربي حر، وخاصة في بلاد المغرب العربي “تونس والمغرب والجزائر”، لذلك يصعب الحديث عن التطبيع في الوسائل الإعلامية علناً لأن ذلك قد يؤجج الرأي العام. ومن الغريب أنه في الفترة الأخيرة، تعالت تصريحات بعض المسؤولين في دولة تونس عن التطبيع، أو ما أسموه جر البلاد إلى التطبيع مع دولة الاحتلال.
ولعل أهم التصريحات التي لمحت إلى تلك العملية هو تصريح الأمين العام لاتحاد الشغل في تونس نور الدين الطبوبي الذي صرح قائلاً: “هناك حملات تقوم بها صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي وتقودها روبوتات إلكترونية من اللوبي الصهيوني والمخابرات الأجنبية لمسألة جوهرية ليست محبة في تونس أو في حرية التعبير”.
كما أكد الطبوبي أن ذلك يتم من أجل خدمة مصالح جيوسياسية خاصة بعد تطبيع المغرب “سريع الوتيرة” مع الكيان الصهيوني، علاوة على ذلك فقد أكد الأمين العام لاتحاد الشغل أن ” المعركة في تونس هي معركة تطبيع وأن الدولة التونسية في قلب لعبة إقليمية بغاية التطبيع”.
وكشفت صحيفة اسرائيل هيوم العبرية بشأن دور الإمارات في ذلك، قائلة: “تونس وإسرائيل تجريان اتصالات دبلوماسية بهدف إحداث تقارب في العلاقة بينهما بوساطة من الإمارات تحديداً”.
علاوة على ذلك فإنه من الواضح أن الإمارات تلعب على عامل الوقت في مسألة الاقتصاد التونسي الذي يعاني من تدهور عظيم ويواجه تحديات من أجل الاقتراض من صندوق النقد الدولي، فيمكن أن تنتظر الدولة الخليجية الوقت المناسب من أجل تقديم تلك الخدمة “انقاذ الاقتصاد” مقابل التطبيع مع الاحتلال.
الجزائر في قلب العاصفة
بعد أن أعلنت المغرب تطبيع العلاقات مع الاحتلال الاسرائيلي أصبحت تتخوف دولة الجزائر من أن تلحق تونس بقطار التطبيع وهذا ما يهدد أمنها القومي بشكل واضح. وعند افتراض حصول ذلك وتم التطبيع ، فقد تصبح الجزائر محاصرة من الجانبين الشرقي والغربي بدولتين مطبعتين، وهذا يفسر رفضها القاطع لسياسات الرئيس قيس سعيد.
والشاهد من ذكرنا طبيعة تغير العلاقة من دولة الجزائر تجاه الرئيس التونسي أن المسؤولين في الجزائر يعتقدون أن هناك مؤشرات جلية تدل على تطبيع تونسي قريب.
كما يتصور مسئولو الجزائر أن الرئيس قيس مدعوم من جهات إقليمية “مصر والإمارات” وهذه الجهات تسعى لتدمير الوضع السياسي واستغلال حاجيات الشعب التونسي لتتم وقتها عملية التطبيع بهدوء ودون تأجيج للرأي العام التونسي الرافض للتطبيع.
المعارضة التونسية
ليست الجزائر وحدها هي من رصدت المؤشرات الكامنة للتطبيع في تونس بل إن النخب والقوى السياسية قامت برصدها. وبحسب الجزيرة فقد قال نصر الدين حمدادوش، المتحدث باسم حركة “مجتمع السلم”، أن “هناك مخاوف جدية من انتقال تونس من مربع التبني المبدئي للدفاع عن الحقوق التاريخية والمشروعة للشعب الفلسطيني، إلى مربع التطبيع” مضيفاً “من الواضح وقوع نظام قيس سعيّد تحت تأثيرات فرنسا والدول العربية المطبِّعة مع الكيان الصهيوني في مقدمتها الإمارات، بحيث أن هناك مساومة بين التطبيع والبعد الاقتصادي والأمن الغذائي لتونس في الوقت الراهن”.
ويبقى السؤال هنا، هل من الإمكان أن تؤدي تبعات التطبيع الإماراتي مع إسرائيل إلى تفشي مرض التطبيع في باقي الدول العربية وهل من الممكن كبح هذه الظاهرة هل ستحمل تداعيات غير سارة للشعوب العربية وبالأخص المسلمة التي يعد تراثها الديني والثقافي هدف مركز لإسرائيل لإنشاء دولتها المزعومة!
المصدر: قطرعاجل